:تؤكد حنان
الكرد مسؤولية جمعية ارض الإنسان جنوب قطاع غزة، أن عدد المصابين بمرض
السلياك حساسية القمح" يزدادون في قطاع غزة، بشكل كبير خلال السنوات
الأخيرة، مقارنة بالتسعينات، حيث اكتشاف المرض وبداية عمل الجمعية بغزة
،لافتة أن 262 حالة مرضية سجلت في قطاع غزة حتى الآن موزعة بين 184 حالة
في مدينة غزة و78 حالة في الجنوب .
وتعمل جمعية ارض الإنسان مع الأطفال
المصابين بأمراض سوء التغذية منذ سنوات ،وهي المؤسسة الوحيدة التي تعمل في
هذا المجال في قطاع غزة ، وتقدم خدمات توعوية وتثقيفية ومواد غذائية وتوفر
حليب وغذاء للأطفال ،ناهيك عن تقديم التحاليل المختبرية وتوفير العلاج
بالمجان .
وتشير التقارير الصحية المحلية والدولية إلى ارتفاع معدل
الإصابة بأمراض سوء التغذية عند الأطفال والنساء الحوامل منها الأنيميا
وفقر الدم " حيث بلغت نسبة نقص مادة الحديد عند الأطفال 64 % بينهم, ونسبة
نقص فيتامين ( A ) عند الأطفال 22 % ونسبة نقص مادة اليود 15 %. وذلك
بسبب سوء الأوضاع المعيشية للأسر الغزية التي تعاني من البطالة والفقر
والحصار حيث لم تستطع الأسر توفير وجبات غذائية متكاملة .
وقالت الكرد
لايلاف أن الجمعية كانت تستقبل بالعام الواحد 20 حالة أو اقل لأطفال
مصابين، أما منذ عام 2000 الذي بدأت فيه انتفاضة الأقصى فان هذه الأرقام
زادت بشكل مخيف ، لافتة أن هناك صعوبة في تشخيصه ، فالكثيرون يجهلون
معرفته واكتشافه لتشابه أعراضه مع أمراض أخرى، مبينة أن الجمعية ارتأت إلى
استحداث وحدة خاصة لمرضى السيلياك لزيادة أعدادهم.
وأشارت الكرد أن
عوامل أدت إلى زيادة هذه الأعداد خلال هذه الأعوام الماضية منها تلوث
مياه الشرب في غزة وإصابة الأطفال بالطفيليات ولجوء بعض الأسر إلى إدخال
الطعام للرضع قبل 6 شهور، وزادت " العادات الغذائية السيئة المنتشرة بين
الأسر الغزية خاصة بسبب الفقر والبطالة، فتلجأ الأسر إلى غمس الشاي بالخبز
وإطعامه للرضع دون 6 شهور حال عدم مقدرتها على شراء الحليب للأطفال،
.إضافة إلى عوامل وراثية .
ما هو السيلياك ؟
ويعتبر مرض "السيلياك"
أو ما يسمى ب "حساسية القمح" هو مرض مزمن يصيب الجهاز الهضمي ويؤدي إلى
تلف الأمعاء الدقيقة ويتوقف امتصاص العناصر الغذائية .
وعن أعراض المرض
تشير الكرد أن تأثيره عند الصغار تختلف عن الكبار موضحة أن المصاب يشعر
بانتفاخ وألم في البطن وإسهال مزمن ونقص في الوزن وفقر في الدم غير معروف
المصدر وشحوب وتعب تام والآم في المفاصل...."
أعراض.... وتشخيص متأخر
ولكل
مريض مع هذا المرض قصة تفاصيلها اقرب للموت منها إلى الحياة فجميعهم شعروا
أنهم على حافة الموت، حيث لم يجدوا مكانا لتشخيص المرض في قطاع غزة من
ناحية، ولتشابه أعراضه مع أمراض أخرى.
فسماح " 17" عاما "اكبر أخوتها
سنا، إلا أنها أقصرهن قامة، وتشعر بالخجل إذا خرجت بصحبتهن من البيت أو
بين زميلاتها بالمدرسة بسبب قصر قامتها،
وتعاني سماح من مرض "السيلياك" حساسية القمح " منذ أن كان عمرها خمس سنوات
وعلى
الرغم من أن ولادة سماح كانت طبيعية، ووزنها بلغ 3 كيلو ونصف كما تقول
والدتها، إلا أنها بعد سنتين ونصف بدأ ميزانها بالتناقص واخذ بطنها ينتفخ
ويبقى طولها على حاله مقارنة بأقرانها في مثل هذا العمر .
وتشير
والدتها أنها تنقلت بها بين المستشفيات والأطباء علها تجد إجابة شافية عن
أسباب نقص وزنها المفاجئ، وتضيف:" بعد أن تم تحويلها لمستشفى المقاصد
بالقدس و اخذ عينة من الأمعاء، تبين أن طفلتها مصابة ب"حساسية القمح"
وعليها أن تحجب عن أكل الأطعمة التي يدخل القمح في تكوينها".
تقول
والدتها :" منذ الصف الرابع وابنتي تأكل خبز من دقيق خاص " من الذرة "لا
يحتوي على القمح مضيفة " أنها كانت تشتريه بأسعار مرتفعة وفي المحلات
التجارية، أما الآن فهو يتوفر مجانا لدى جمعية ارض الإنسان"، تنظر لسماح
وتقول :" بعده أصبح طولها معقولا ، كبرت ابنتي ،فيما تغرق عيونها بالدموع.
أم
وجدي من وسط قطاع غزة تتنقل بنظرها بين سماح وطفلها سالم الذي تحتضنه
فترمق سماح بنظرات شفقة وأخرى تصوبها اتجاه طفلها البالغ من العمر سنتان
ويبدو اقل من ذلك بكثير متسائلة بألم أي مستقبل سينتظره ؟!.
وتقول:" أن طفلها وعمره شهران مصاب بالمرض وتخشى على مستقبله خاصة انه يعاني من مشاكل في الحركة.
د.
عياد وافي من جنوب قطاع غزة يصف تجربته مع ابنه المصاب بالمرض بالمريرة ،
قائلا :" في عمر 7 سنوات كان نمو ابني بطيء، مقارنة بأقرانه، وحاولنا
تشخيص الحالة ورغم انه يعمل طبيب للأطفال، إلا انه تغلب كثيرا في تشخيص
الحالة كغيره من الآباء، مشيرا إلى أنه لا توجد أعراض عادية كالإسهال
مثلا، لذلك قرر السفر إلى مصر ومعالجة طفله هناك في مستشفياتها وبعد عناء
كانت نتيجة التحاليل بإصابته بسوء امتصاص .
يشير وافي أن ابنه يعيش على
دقيق خاص ويحاول أن يصنع منه كل احتياجاته من المعجنات لافتا انه يجد
صعوبة في توفير متطلبات صغيره من حلوى وكيك ومعجنات مصنوعة من الخبز الخاص
كما ينتشر في معظم الدول من ناحية، وانه لا يرغب في أن يعيش طفله العزلة
عن أخوته الآخرين بسبب مرضه ، لذا يحرص على صنع ما يطلبه صغيره من الدقيق
الخاص وهو " دقيق الذرة" .
وتوفر جمعية أرض الإنسان الدقيق بالمجان
للأطفال وكانت الأسر تجد مشقة في توفيره خاصة انه يأتي من إسرائيل ويباع
في محلات مخصصة بغزة بأسعار مرتفعة، إلا انه فترة الحصار فقد من المحلات،
بسبب الإغلاق ومنع إسرائيل إدخال الدواء والمواد الغذائية،
وتقول الكرد
"أن المؤسسة توفر كميات كبيرة شهريا للمرضى وهو دقيق " الذرة " خالي من
مادة "الجلوكتين" إحدى مكونات القمح والدقيق الذي يأتي من إسرائيل ، وذلك
خوفا من الإغلاق المستمر للطرق والمعابر التي تربطها بقطاع غزة "
وللكبار نصيب أيضا
"أنت
مصاب بالسرطان" هكذا شخص الأطباء حالة رائف العبادلة 40 عاما ،عندما انكمش
جسده وشعر بالتعب وتناقص وزنه بشكل مقلق العام الماضي بعد إصابته بإسهال
حاد .
ويرو ي العبادلة أن رحلة قاسية مع الألم حيث التحاليل وصور
الأشعة والأدوية التي تناولها ولكنها لم تفلح في تشخيص المرض حتى ابلغوه
أن لديه مرض خطير ، مضيفا أن طبيب اهتدى إلى إرسال تحليل دم إلى إسرائيل
تبين بعدها انه مصاب بحساسية القمح ، من يومها يتناول العبادلة غذائه
خاليا من القمح ويشعر بوضع نفسي وصحي جيد.
وتؤكد نجاح زهدي أخصائية
التغذية بالجمعية أن هناك كثيرون لا يدركون أنهم مصابون بالمرض ، وحالات
غير مكتشفة منه ،خاصة افتقار قطاع غزة إلى التحاليل المتخصصة، لافتة أن
وزارة الصحة في الأعوام السابقة كانت تجري هذه التحاليل في مختبراتها
للمرضى ، إما المرضى اليوم في حيرة من أمرهم حيث تمنع إسرائيل إدخال
المادة الخاصة بتحاليل الدم لهذا المرض منذ عام ،لذا يتخبط الأطباء في
تشخيص المرض ،وهذا يرشح إلى وجود أعداد من المرضى خارج قائمة المسجلين
بالجمعية مما سيساهم ذلك في تردي حالة المريض الصحية خاصة استمرار تناوله
لوجبات تحتوي على القمح أو مشتقاته سيصيبه بالإسهال والهزال وفقر الدم
وأحيانا تصل للوفاة ، مستذكرة انه في التسعينات حالة لمريضة ماتت من
الهزال تبين بعد وفاتها إصابتها بالمرض .
وتضيف أن الجمعية توفر الدقيق
بالمجان للمصابين بل وتسعى إلى تعليم النساء على كيفية صنع الخبز منه
لأطفالهن وذلك من خلال إقامة معارض لتشجيع النساء على صناعة معجنات وكيك
وبالتالي تعويض المصابين عن الحرمان .
ولفتت زهدي أن عدد المصابين ،في
التسعينات كان قليل جدا ويعاني المصابين من عدم وجود أماكن لتحاليل خاصة
به لذا كان يتغلب الأطباء في تشخيصه مما يدفع الأطباء إلى التأويل
والتشخيص الخاطئ الذي يفاقم المشكلة لديهم .
وقالت:" أن المواطنين في
ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة لا يستطيعون توفير وجبة غذائية متوازنة لذا
زادت عدد حالات الإصابة به، لافتة انه ينتشر في الأطفال ويصيب الكبار أيضا
ولكن بنسب قليلة.
وبينت زهدي أن الجمعية ستطلق في نوفمبر المقبل أول
حملة لمرضى "السلياك " لتوعية المواطنين بالمرض وضرورة إتباع عادات غذائية
سليمة للحد من تزايد أعداد المرضى مشيرة أنها ستتضمن لقاءات تثقيفية،
ونشرات توعية وإرشادية للنساء .
الحمية الغذائية.... العلاج الوحيد
وعلى
الرغم من تأكيد الأطباء لشفاء هيام أبو مطير " 29 عام" من رفح من المرض
والسماح لها بتناول طعامها المحتوي على القمح بعد حرمان لمدة 14 عاما ،إلا
أنها بعد زواجها وحملها الثاني تردت صحتها كثيرا بسبب الفقر وسوء أوضاعهم
الاقتصادية وتقول عادت حالتي إلى انتكاسة فقدت توازني والقدرة على الحركة
وأصبت بالكساح وتتابع:"بداية نسيت أن يكون سبب ذلك مرضي القديم الذي ظننت
أنني شفيت منه ولكن التحاليل التي أجريتها بعد جهد كبير بينت أن السبب هو
حساسية القمح :" مشيرة انه بسبب مرضها هذا فقدت بيتها وأطفالها .
وعن
علاج المرض تشير زهدي أن الطريقة الوحيدة لعلاجه هو إتباع وجبة غذائية
خالية من الجلوتين " من مكونات القمح ومشتقاته، مدى الحياة ،موصية الأمهات
بتغذية أطفالهن بطريقة سليمة، والتركيز على الرضاعة الطبيعية والابتعاد عن
إطعام الرضع قبل 6 أشهر وملاحظة نمو الأطفال مؤكدة أن التشخيص المبكر
للمرض يساهم في علاجه والتخفيف من أعراضه